“رامي”: تقدّمتُ إلى وظيفة فكان الردّ “لا نستقبل شاذّين”!

أبصر النور طفل يُدعى رامي. هو الأخ الثاني في عائلته الصغيرة. لم يتقبّل ذكوريّته منذ الطفولة. وجد نفسه مقرّبًا من عالم الإناث، ليواجه التنمّر والسخرية حتّى اللحظة.

اليوم، يرفض رامي اسمه الحقيقي وقرّر أن يتحوّل الى “راميولا”. هو الإسم الذي اختاره، بعدما قرّر، وهو في الخامسة من عمره، أن يعيش حياة أنثى.

عاش رامي طفولة صعبة، خصوصًا في المدرسة. يتذكّر جيّدًا كيف كانت تشبّهه معلّمته بـ”البنات”. لم يعش لحظة واحدة بسلام. ولم يعرف معنى الأصدقاء. وكان هؤلاء يطلقون عليه اسم “رانيا”.

لم يتوقّع  رامي أن تتحوّل حياته إلى جحيم، بعدما قرّرت عائلته تعذيبه، ويعود السّبب في ذلك إلى أنّه “لا يتصرّف كالرّجال”.

منذ نعومة أظافره، يعيش رامي حالة ترهيب مع أهله الّذين حاولوا تغييره ولم ينجحوا في مهمّتهم. لم يرضخوا للأمر الواقع، بل حوّلوا ابنهم الى مادّة للسّخرية أمام الجميع.

عاش في منزل العائلة ضحية. تارة ًيتعرّض للضرب من والده، وطورًا يتعرّض للتّعنيف من خاله وأولاد خاله.

عائلة رامي محافظة وتنتمي الى أحد الأحزاب المتشدّدة. رفضت حالته التي صنّفتها ضمن “الشذوذ”، وفضّلت الموت لابنها على أن يعيش بينها.

لم تقف مأساة رامي عند ذلك الحد. فمنذ ثلاث سنوات، اكتشف إصابته بسرطان الغدد اللمفاويّة واللوكيميا. رغم ذلك، لم يكن هناك أيّ تعاطف معه من قبل أفراد عائلته. وحدها والدته كانت تهتمّ به سرًّا.

سئم رامي حياته المزيّفة. لم يتحمّل فكرة تبديل مكان إقامته خارج المنزل كيلا تراه عائلته بثياب النساء. كذلك رفض أن يعيش حياته كاللصّ متخفيًّا عن محيطه.

طُرد رامي من المنزل وهو مصاب بالسّرطان ليجد نفسه من دون مأوى. خضع للعلاج الكيميائيّ، وكان ينام في الشارع بعد الجلسات لأكثر من مرّة.

منذ سنوات ورامي عاطلٌ عن العمل بسبب هويّته الجندريّة وتوجّهه الجنسيّ. كان في كلّ مرّة يتقدّم فيها لوظيفة معيّنة يتعرّض للسخرية والتنمّر بسبب مظهره الخارجيّ. إلّا أنّ الصدمة الكبيرة بالنسبة إليه كانت حين زار إحدى الوزارات باحثًا عن عمل، ليأتيه الردّ “لا نستقبل شاذّين”.

لم يكمل رامي دراسته، وكان حلمه أن يصبح مصمّمًا للأزياء. فشل لأنّ عائلته لم تدعمه، ولأنه لم يجد في حياته سوى التنمّر والتهميش!

اليوم، أُضطر للاهتمام والعناية برجل مسنّ عاجز، مقابل النّوم في منزله. يقول:”أيّ شخص غيري كان ليفكّر في الإنتحار!

أشعر بفخر كبير كوني تغلّبتُ على مرض السّرطان. لكنّ هناك خيبة أمل كبيرة أعيشها بسبب عدم قدرتي على إيجاد وظيفة تحترم حقوقي، ومكان عمل لا أتعرّض فيه للتمييز أو التنمّر!

ويبقى الأهمّ بالنّسبة إليّ الهجرة والسّفر إلى بلد أتمتّع فيه بكامل حقوقي في المجتمع وأماكن العمل.

لماذا أبقى في بلد لا أستطيع فيه تحقيق حتّى أبسط أحلامي، كأن أصبح مصمم أزياء محترفًا؟ فقط لأنّني أعبّر عن هويّة جندريّة مغايرة؟

كنتُ دائمًا صادقًا مع نفسي وكشفتُ عن هويّتي. لا أطلب شيئًا سوى احترامي كما أنا! أتمنّى السفر إلى بلد أستطيع فيه التعبير عن توجّهي الجنسيّ والجندري، وأن يكفل القانون هناك جميع حقوقي. لن أنتظر أكثر. أنا مستعد لأيّ شيء مقابل الهجرة. لم أعد احتمل المزيد من التّحدّيات القانونيّة والإجتماعيّة”.

أحلم بالحصول على أوراق ثبوتيّة جديدة والتّخلّص من إسم “رامي” لأكون راميولا.

تم نشر هذه القصة كجزء من مشروع “تعزيز شمولية أفراد مجتمع الميم في أماكن العمل في لبنان”، المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي، والتي تنفذه جمعية العناية الصحية بالشراكة مع ACTED.  

Leave A Comment

Your Comment
All comments are held for moderation.