دانييلّا: تخطّيتُ نظرة المجتمع لهويّتي الجندريّة و”غدًا أجمل”!

لا تيأس دانييلا. لا تشعر بالملل، فهي لم ولن تستسلم.

من رحم المعاناة التي عاشتها منذ الطفولة، وُلدت دانييلّا من جديد، كي تنسى كلّ ألم مرّت به في الماضي.

دانييلا (عشرون عامًا)، وُلدت ذكرًا وعاشت طفولتها في الميتم منذ عمرالخمس سنوات بعدما انفصال والديها. 

هناك حيث عاشت طفولة حزينة، لا تذكر منها سوى حادثة تعرّضها للتحرّش الجنسيّ، وهي بعد في  الرابعة عشر من عمرها، داخل الميتم. لم تكن علاقتها جيدة بعائلتها. وحدها شقيقتها ساعدتها على مغادرة الميتم ودعتها للعيش معها في منزل زوجها، إلّا أنّ  هذا الأخيركان يَسيء معاملتها وكأنّها خادمة منزل.

في ربيع عمرها، لم تسمح دانييلّا لتلك الظروف أن تحبط معنويّاتها. كانت تبحث دائمًا عن الأمل رغم تخلّي الجميع عنها. لقد رفضت أن تبقى وحيدة، والأهم، أنّها  متصالحة مع نفسها.

كانت  عائلة  دانيلّلا ترفض حضورها إلى المنزل، ورغم ذلك استمرّت بالمجيء متعرّضة للرفض وأحيانًا للإذلال بسبب تغيير هويّتها الجندريّة . لكنّها  لم تيأس، فهي على قناعة تامّة بما آل إليه أمرها، ومصرّة على موقفها الجديد.

 وعندما اكتشفت إصابتها بفيروس نقص المناعة البشري، لم تثبط عزيمتها، فهي تؤمن بأنّها ستتغلّب عليه لتتابع حياتها بشكل طبيعيّ.

لذا راحت تبحث عن بديل للعائلة الّتي تفتقد إليها لتعيش حياة إيجابيّة، فلجأت إلى أشخاص يشجّعونها ويدعمونها، وكان منهم صاحب إحدى صالونات التّزيين، الذي رحّب بوجودها، بعدما عثرت على الوظيفة لديه صدفة عن طريق الاستجابة  لمنشور إعلانيّ.  

تقول دانييلا إنّ “أكثر ما شجّعها على العمل هو ثقة صاحب المحلّ بها واهتمامه بعملها، دون الاكتراث لهويّتها الجندريّة”. كان محيط عملها متقبّلًا  لوجودها ولكفاءتها. وكذلك، زبونات الصالون اللواتي بادلنها الاحترام، فأظهر لها الجميع  كلّ حبّ وتقدير، ما عزّز ثقتها بنفسها أكثر، ودفعها إلى المثابرة لتطوير قدراتها مهنيًّا.

لم يكن إيجاد فرصة عمل مَهمّةً سهلةً بالنسبة إليها، فقد سعت كثيرًا لتحقيق هذا الأمر، لأنّ أكثريّة الأماكن كانت قد أغلقت الأبواب في وجهها بسبب هويّتها الجندريّة.

رغم أنّ الحظ لم يحالفها بأن تتعلّم وتتخصّص في الجامعة، فهي ليست بجاهلة. هي تفهم القواعد الاجتماعية والعلاقات الّتي تربط النّاس بعضهم ببعض، وتدرك جيّداً أهمية تقبّل الاختلاف عند الآخر، وعدم التمييز.

تشعر دانييلا بثقة كبيرة بالنّفس، تحثّها دائمًا على  التّقدّم، وعدم النّظر الى الوراء. وتؤكّد على كفاءتها وقدرتها في أن تكون عنصرًا فعّالًا في المجتمع. وتؤكد دانييلا “سأكون دائمًا مستعدّة لمحاربة التّمييز لأكسب قوتي وأعيش بكرامة. فأنا لن أهتمّ بالنّظرة السّلبيّة للمجتمع تجاهي، بل سأكون قويّة ومستقلّة”.

تشيد دانيّيلا بدور “جمعيّة العناية الصّحيّة” الّتي كانت، وما زالت الداعم الأكبر لها  في مساندتها معنويًّا وصحيًّا، فهي تبثّ الإيجابيّة أينما حلّت.

بغضّ النّظر عن جميع الانتقادات الّتي تتعرّض لها دانيلّلا ، فهي لن تسمح بتأثير ذلك سلبًا عليها، وتقول:

” غداً أجمل، فبفضل مثابرتي سوف أخبركم عن نجاحاتي، وعن الأهداف التي سأحققها “.

تم نشر هذه القصة كجزء من مشروع “تعزيز شمولية أفراد مجتمع الميم في أماكن العمل في لبنان”، المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي، والتي تنفذه جمعية العناية الصحية بالشراكة مع ACTED.  

Leave A Comment

Your Comment
All comments are held for moderation.