إيلي: فضحني زميلي في العمل فطُردت بشكل مُذلّ ومُهين!
لا يعلم إيلي الذنب الذي اقترفه، حتّى وصل إلى مرحلة اليأس واتخّذ قرار الهجرة وترك كلّ شيء وراءه للتخلّص من معاناته.
إيلي (29 عامًا) بدأ العمل تزامناً مع دراسته الجامعيّة ليؤمّن مصروفه، وهو يعترف بميوله الجنسيّة علنًا. نعم هو مثليّ الجنس ولكنّه لم يكن يعلم أنّها جريمة سيدفع ثمنها غاليًا.
لم يُقِم إيلي أيّ علاقة عاطفيّة منذ أكثر من أربع سنوات، وسلّط تركيزه طوال هذه الفترة على العمل والدراسة. إلّا أنّ كلّ شيء تغيّر منذ أن بدأ بالعمل في كافيتيريا تابعة لإحدى الشركات. هناك تعرّف على زميلٍ له، كان من المفترض أن يكون صديقًا لا أكثر. يقول إيلي إنه استغرب تصرفات الأخير تجاهه مع أنّه كان يهتمّ به كثيرًا ويحاول التقرب منه.
بدا الأمر غريبًا بالنسبة إلى إيلي الذي لم يستطع تحديد ميول صديقه الجنسيّة، خصوصاً أنّ للأخير حبيبة. رغم ذلك لم ينجح في التحكّم بمشاعره وأصبح متعلّقًّا به. لقد أحبّ الذهاب إلى العمل لمقابلته والبقاء إلى جانبه. كان يدافع عنه طوال الوقت ولا يسمح لأحد بإزعاجه، حتى أنّه ارتكب عدّة إشكالات بسببه. وفي أحد الأيام، لم يعد بوسعه تحمّل الموقف، ولا تحديد مشاعره تجاه الشخص المذكور. وواجه ضغوطات نفسيّة ولم يكن يشعر بالارتياح، فقرّر الإستقالة من عمله والابتعاد عن زميله كيلا يتعلّق به أكثر.
لم يكن خيار الاستقالة الحلّ الأنسب للتخلّص من المشكلة، فقرّر أن يصارح زميله وأن يعترف بحبّه له. كانت المهمّة صعبة جدًا، لكنّه تجرّأ وأخبره كلّ شيء، محاولًا تبرير مشاعره.
وثق إيلي به وائتمنه على سرّه دون أن يتوقّع ردّة فعله التي تغيّرت رأسًاعلى عقب، فقد صدّه وطلب الابتعاد عنه متحوّلًا إلى شخص آخر وبدأت العلاقة تسوء بين الإثنين.
لم يكن يحقّ لإيلي التغيّب عن العمل قبل انتهاء فترة الإنذار. اضطرّ للحضور اليوميّ وكان يحاول التعامل مع زميله بشكل طبيعيّ، لكنّ الأخير كان يصدّه في كلّ مرة، ليفشي بعدها السرّ وينشر الخبر بين الجميع، حتّى علم المدير، وواجه إيلي تنمّرًا وتمييزًا بسبب الموضوع.
لم يكن الموقف سهلًا عليه، وبسبب حزنه تعرّض لحالة عصبيّة استدعت نقله إلى المستشفى. وبعد تحسّن حالته، عاد لينهي ما تبقّى من أيام عمله، فتفاجأ بقرار طرده من قبل المدير الّذي اعتبر تصرّفه أمرًا غير لائق، ومنعه من الحضور إلى العمل بعدما علم بحقيقة ميوله الجنسيّة وأهانه أمام الجميع. وعندما توجه ليتسلّم أجره، تفاجأ بمنع رجال الأمن له من دخول الشركة، وتسليمه راتبه خارج المدخل.
رغم تقديم استقالته، تعرّض للطرد المهين والمعاملة السيّئة وتمّ فضحه أمام الجميع دون إحترام لأدنى حقوق الإنسان وكرامته! فكم من شخص يتعرّض لهذا الموقف في مكان العمل فقط لأنه تمّ الكشف عن ميوله الجنسية والّتي تعتبر مسألة خاصّة لا تعني أحدًا إلّا الشخص نفسه؟
هنا، بدأت رحلة اليأس مع إيلي فعانى الاكتئاب لأكثر من ستّة أشهر، مما أدّى به لمحاولة الإنتحار أكثر من مرّة. ولمّا علمت عائلته بموضوع ميوله الجنسيّة، لم تتقبّل الفكرة بالأخص شقيقه الكبير الذي كان يتعرّض له بالضرب والإهانات بشكل مستمرّ.
شعر إيلي أنّ حياته قد انتهت وفقد الأمل في الاستمرار. خلال تلك الفترة، تعرّف على مجموعة أشخاص من أميركا كان يتواصل معهم من خلال تطبيق على الإنترنت، فنجحت الأخيرة في إبعاده عن الأجواء السلبيّة. إنّها مجموعة من أشخاص تفهّموا ميوله الجنسيّة، ووثقوا به وحاولوا مساعدته، حتّى تغلّب على كآبته واستعاد حياته من جديد.
اليوم يقول إيلي: أشعر بثقة كبيرة بنفسي، لا أهتمّ لجميع ردود الفعل السلبيّة. وأنا حاليًّا أسعى إلى تحضير معاملات السفر للهجرة إلى أوروبا حيث سأجد وظيفة لائقة تتلاءم مع قدراتي وأستطيع تطوير مهاراتي من خلالها وأحقق طموحي في الحياة، والأهم أنّها تجيب عن حقوقي كإنسان وكمواطن أولاً قبل كلّ شيء!
لن أبقى هنا. لا أستطيع العيش في مجتمع نبذني وزملاء عمل تنمّروا عليّ فقط بسبب توجّهي الجنسيّ! سأعيش حرًّا مستقلًا لأضمن مستقبلي بسلام وأمان.
تم نشر هذه القصة كجزء من مشروع “تعزيز شمولية أفراد مجتمع الميم في أماكن العمل في لبنان”، المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي، والتي تنفذه جمعية العناية الصحية بالشراكة مع ACTED.